المراد بالأحسن في قول الله تعالى: {واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم}

السؤال
كيف نفهم قول الله تعالى: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [الزمر: 55]؟ وهل المراد أن القرآن أحسن ما أُنزل إلينا حيث إنه أحسن من الكتب الأخرى؟
الجواب

(أحسن) هذه أفعل تفضيل، ومقتضى أفعل التفضيل أن يشترك أكثر من شيء في وصفٍ يزيد أحدها على غيره في هذا الوصف، وهنا الكلام في القرآن الكريم، وكله حَسَن، ولا شك في حُسنه، والعلماء يختلفون هل في القرآن نفسه فاضل وأفضل منه، أو كله على حدٍّ سواء باعتباره من الله -جل وعلا-.

فبعضهم يقول: سورة الإخلاص أفضل من سورة اللهب –مثلًا-، وبعضهم يقول: القرآن كلام الله، وكله على حدٍّ سواء، ولكن تكون أحسن هنا ليست على بابها، بمعنى حَسَن، أي: واتبعوا الأحسن المشتمل على الوصف الذي هو الحُسن.

يقول الطبري في تفسيره: (يقول تعالى ذكره: واتبعوا أيها الناس ما أَمركم به ربكم في تنزيله، واجتنبوا ما نهاكم فيه عنه، وذلك هو أحسن ما أُنزل إلينا من ربنا، فإن قال قائل: ومن القرآن شيء هو أحسن من شيء؟ قيل له: القرآن كله حسن، وليس معنى ذلك ما توهَّمتَ، وإنما معناه واتبعوا مما أَنزل إليكم ربكم من الأمر والنهي والخبر والمثل والقصص والجدل والوعد والوعيد أحسنه، أن تأتمروا لأمره، وتنتهوا عما نهى عنه؛ لأن النهي مما أُنزل في الكتاب فلو عملوا بما نُهوا عنه كانوا عاملين بأقبحه، فذلك وجهه، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل).

معنى كلام إمام المفسرين أبي جعفر محمد بن جرير الطبري أنك إذا اتبعتَ الأوامر وعملتَ بها اتبعتَ الأحسن، وإن نظرتَ إلى النواهي وارتكبتَها فأنت اتبعتَ الأقبح. وعلى كل حال هذا توجيه، والقرآن كله حَسن، وهو كلام الله -جل وعلا-، وكله مرتَّب عليه الأجر والثواب، وكله واجب العمل به، والله أعلم.